أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في يناير الماضي عن مشروع “ضخم” للمتحف الباريسي، يشمل استحداث مدخل كبير جديد وغرفة مخصصة للوحة الموناليزا وزيادة سعر تذكرة الدخول للزائرين غير الأوروبيين.
إلى اليوم، تصنف لوحة “الموناليزا”، واحدة من أشهر الأعمال الفنية في التاريخ، إن لم تكن الأشهر على الإطلاق… ومنذ أن رسمها الفنان والمعماري الإيطالي ليوناردو دافنشي، خلال عصر النهضة في القرن السادس عشر، حظيت بالكثير من الأسئلة ورافقتها نظريات عدة حول ظروف رسمها وهوية الشخصية التي ارتسمت فيها، أما الابتسامة الأسطورية للموناليزا، فشكلت لغزاً آخر كبيراً ليس لكل من رآها فحسب، وإنما لجميع نقاد الفن التشكيلي في العصور اللاحقة، أيضاً.
خطة حكومية جديدة
في إطار سعي الحكومة الفرنسية إلى تنسيق الوصول إلى “الموناليزا” المعروضة في متحف اللوفر، والتي غالباً ما تتسبب حماسة الزوار لمشاهدتها في تعقيد ظروف الزيارة في اللوحات الأخرى في المساحات المحيطة بها، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في يناير (كانون الثاني) الماضي عن مشروع “ضخم” للمتحف الباريسي، يشمل استحداث مدخل كبير جديد وغرفة مخصصة للوحة الموناليزا وزيادة سعر تذكرة الدخول للزائرين غير الأوروبيين.
أطلق ماكرون على المشروع اسم “النهضة الجديدة لمتحف اللوفر”، وتُقدّر تكلفته بنحو 700 إلى 800 مليون يورو على مدى عشر سنوات، وسيتم تمويل “جزء صغير للغاية” منها من جانب الدولة.

ولعل أكثر ما أثار الاهتمام، التصريحات حول إنشاء مساحة جديدة لاستضافة لوحة دافنشي الشهيرة، حيث يكون بالإمكان “الوصول إليها بصورة مستقلة عن بقية المتحف مع استحداث تذكرة دخول لهذه الغاية”؛ بخاصة وأن متحف اللوفر هو الأكثر زيارة في العالم، حيث استقبل في عام 2023 وحده 8.86 مليون زائر، فيما يعاين “الموناليزا” وحدها 20 ألف شخص يومياً.
من هي الموناليزا؟
بقيت السيدة في الصورة مجهولة الهوية وقتاً طويلاً، لكن في ما بعد، بات يعتقد أنها ليزا، المرأة الشابة، زوجة أحد النبلاء في فلورنسا، وهو تاجر أقمشة اسمه فرانسيسكو ديل جيوكوندو، ما يعني أن السيدة المرسومة، هي شخصية حقيقية بالفعل وكانت موجودة في تلك الحقبة التي عاصرها دافنشي.
أما اسم الموناليزا، فورد مع المؤرخ والمعماري جورجيو فارساي، الذي كتب: “أنجز ليوناردو مهمة رسم الموناليزا من أجل فرانشيسكو ديل جيوكوندو، زوجته”، حيث إن كلمة “mona” بالإيطالية تعني “سيدتي”..
كذلك يشار إلى أن اسم الجيوكندا، أصله إما كلمة “jocund” الإيطالية التي تعني “سعيد” وهي هنا مقتبسة ربما من ابتسامة السيدة في الصورة، أو يعود إلى اسم زوج ليزا الأخير “جوكوندو”..
ما التقنية التي اعتمدها دافنشي؟
رسم الفنان الإيطالي النصف العلوي للسيدة ليزا أمام منظر طبيعي بعيد، وهي تنظر إلينا بابتسامة غامضة.
على قطعة من خشب الحور بمقاس (80 سم و53 سم) استخدم الألوان الزيتية على خشب الحور، معتمداً تقنية “السفوماتو” التي اشتهر بها، وتعني رسم الشخصية ببراعة مطلقة، مطبقاً تحولات الألوان بين مساحة وأخرى، بحيث لا يشعر أحد بتغيير اللون، وكأنه يمنح الوجه تأثيراً سحرياً وحقيقياً تتماهى فيه الظلال.
خلقت هذه التقنية شيفرة خاصة بدافنشي في رسم الوجوه، وقد شغلت مؤرخي الفن ونقاده كثيراً، ولم يتمكنوا من فكها إلا منذ سنوات قليلة، وذلك بعد أن استخدموا الأشعة السينية على لوحات الفنان الشهير.
وبينت الأشعة، أنه كان يستخدم طبقات شفافة (لازورد) بمقدار يصل إلى واحد أو اثنين ميكروميتر، مع العلم إلى أن سمك كل الطبقات إجمالاً يصل إلى ثلاثين أو أربعين ميكروميتر في اللوحة الواحدة.
كيف وصلت اللوحة إلى فرنسا؟
في وقت كان ينتظر الزوجان “جوكوندو” أن يسلمهما دافنشي لوحته بعد انتهائه منها، ليعلقانها على حائط منزلهما بمناسبة قدوم مولودهما الثاني، لم يفعل دافنشي ذلك أبداً، وأخذ معه اللوحة إلى فرنسا عندما انتقل إلى هناك، عابراً جبال الألب، بدعوة من الملك فرانسوا الأول.
أين تعرض الموناليزا اليوم؟
منذ عام 1966، اختيرت قاعة “الدول” الواسعة في متحف اللوفر لاستقبال تحفة دافنشي الفنية، وقد وضعت داخل صندوق زجاجي ليحميها من تأثيرات الرطوبة، باعتبار أنها ليست مرسومة على قماش وإنما على خشب.
وفي عام 2019، أعيد ترميم قاعة الدول، لقد طليت جدرانها بلون أزرق عزز كخلفية تباين الألوان في اللوحة: الأحمر والأصفر والبرتقالي والأخضر عن موقع اندبندنت