اعتبرت فعاليات أمازيغية أن ما قاله شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة. بخصوص أن “31 في المائة من المؤسسات التعليمية شرعت، هذه السنة، في تدريس الأمازيغية”. يمثل “رقما من ضرب الخيال في الوقت الحالي. بالنظر إلى أن الأطر البشرية المتخصصة في اللغة الأمازيغية اليوم غير كافية لتغطية حتى 10 في المائة. بعدما انحصر عدد المدرسين المتخصصين في تدريس الأمازيغية في 400 مدرس ومدرسة”.
وبالرغم من أن بنموسى أكد أن “الوزارة تسعى، خلال سنة 2026، إلى الوصول إلى 50 في المائة من المؤسسات التعليمية التي تدرس الأمازيغية. لتعميمها على جميع المؤسسات في أفق سنة 2030″، و”تدريس اللغة الأمازيغية في 12 ألف مؤسسة، في أفق سنة 2030. مستهدفة بذلك 4 ملايين تلميذة وتلميذ”. فإن الفاعلين التربويين الأمازيغ، الذين تواصلت معهم جريدة هسبريس، يؤكدون أن “الوصول إلى هذا الطموح مستحيل”.
“طموح مستحيل”
في هذا الإطار، قال عبد الله بادو، مفتش اللغة الأمازيغية بالرباط، إن تعميم “اللغة الأمازيغية بنسبة 31 في المائة أمر من ضرب الخيال. بالنظر إلى أن عدد الأطر المتوفرة لا يتجاوز 1600 أستاذ متخصص في تدريس اللغة الأمازيغية. ما يعني أن فقط 300 أو 400 ألف تلميذ الذين يدرسون الأمازيغية فعليا”. مشيرا إلى أن “هذا إذا افترضنا أن هذه الأطر تدرس، فعلا، الأمازيغية؛ لأن العديد منها يغير الإطار…”.
وشدد بادو، ضمن إفادات قدمها لجريدة هسبريس، على أن “هناك نقصا كبيرا في الأطر يسائل مدى واقعية النسبة المعلن عنها. فحتى الأساتذة الناطقين بالأمازيغية الذين كانوا يشتغلون بـ”التكليف”، تم إلحاقهم بتدريس مواد أخرى بحكم الخصاص الذي كانت تعرفه الوظيفة التربوية”. موضحا أن “الالتزام الواضح والصريح الموجود في القانون التنظيمي ينص على أن تعميم تدريس اللغة الأمازيغية في السلك الابتدائي يجب أن يكون في أفق خمس سنوات بدءا من أكتوبر 2019. تاريخ صدوره في الجريدة الرسمية”.
وأكد المفتش التربوي أنه “بما أننا في السنة الرابعة بعد صدور القانون. فكان يجب أن نصل إلى 50 في المائة من التغطية. بيد أن الواقع يقر بأن التغطية لا تتجاوز حقيقة 10 في المائة اليوم. ما يعني أن 31 في المائة التي بشر بها بنموسى غير واقعية بالنظر إلى عدد الأساتذة المتوفرين وبالنظر إلى عدد التلاميذ الذين يستفيدون من هذه الحصص”. مسجلا أن “توظيف 400 أستاذ سنويا لا يمكن أن يحقق هدف الوزير في أفق 2030”.
وأشار الفاعل الأمازيغي إلى أن “عدد الأطر يمكن فقط لتعبئة ما يقارب 20 في المائة تقريبا”. مبرزا أن “التعميم الشامل في أفق 2030 يحتاج إلى 15 ألف أستاذ، كما هو منصوص عليه في القانون التنظيمي. ما يعني الحاجة إلى تكوين 3000 أو 5000 إطار متخصص سنويا”.
وأضاف: “إذا أرادت الوزارة العمل باستراتيجية الأستاذ المزدوج فحينها سنحتاج إلى 60 ألف إطار. وهو ما يبين أن الوزارة ليست لها صورة واضحة ودقيقة في تعاطيها مع تدريس الأمازيغية، لكون العديد من المعطيات غير دقيقة”.
“27 سنة بلا تعميم”
من جهته، قال أحمد عصيد، الناشط الحقوقي والباحث في الثقافة الأمازيغية، إن “هذه الطريقة التي تدرس بها الأمازيغية الآن تعيش خصاصا حقيقيا في الموارد البشرية. وبالتالي هذا يسائل هذه الأرقام التي أعلن عنها الوزير شكيب بنموسى”، مضيفا أن “تحديد الوزير لسنة 2030 كسقف هو في حد ذاته تراجع كبير وتهديد للعديد من المكتسبات. التي راهنت عليها الحركة الأمازيغية لتعميم تدريس اللغة الأمازيغية، أفقيا وعموديا، في كل الأسلاك”.
وأكد عصيد أن الوزارة قالت إن “المؤسسات التعليمية شرعت، هذه السنة، في تدريس الأمازيغية بنحو 31 في المائة. وهذا رقم فلكي لكونه الوزارة لم تقدم بعد تصورا واضحا حول الموارد البشرية التي ستعهد إليها هذه المهمة في هذه المؤسسات التربوية المعنية”. لافتا إلى أن “الوزارة الوصية عليها أن تقدم المعلومات الكافية حول هذه النسبة لكي نبث في مدى واقعيتها. لكوننا نعتبر أن استمرار تكوين 400 أستاذ سنويا سيجعلنا نحتاج إلى 60 سنة لتعميم الأمازيغية”.
وأورد الباحث، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن “هناك حاجة حقيقية إلى الإسراع في تفعيل العديد من الأوراش المتأخرة المتعلقة بتدريس الأمازيغية. والوزارة يجب أن لا تكتفي بالأستاذ المتخصص ويجب أن تعود إلى تكليف الأساتذة الذين يخضعون لتكوينات كان يؤطرها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية”. معلقا: “لقد تأخرنا والحديث عن 2030 كأفق معناه هدر 27 سنة بدون تعميم فعلي في الابتدائي فقط. وهذا يشير إلى أن الأمر غير جدي تتحمل فيه الحكومتان السابقة والحالية جزءا من المسؤولية”.
وشدد المتحدث عينه على أن “التفعيل الحقيقي يستدعي أولا توفير الكتاب المدرسي الخاص بالأمازيغية. فهذا الكتاب تطبعه الوزارة ولكن ولا أثر له في المكتبات والعديد من الأساتذة يعتمدون على النسخ إلى حدود الآن”. خاتما بأن “الطريقة التي تدبر بها الأمازيغية على مستوى وزارة التعليم تنبئ بأنه بدون جدية ورغبة حقيقية تتلخص في توفير الموارد البشرية الكافية. فإننا سنصل إلى 2026 بدون نتيجة، والأمر نفسه مع سقف 2030.
يشار إلى أن شكيب بنموسى قال، في الندوة الصحافية التي نظمتها الوزارة لتقديم مستجدات الدخول المدرسي الثلاثاء 05 شتنبر الجاري بالرباط. إن “الوزارة ستعمل على الرفع من عدد المعلمين المتخصصين في تعليم اللغة الأمازيغية”. مبينا أن “عدد المعلمين المختصين كان في السابق لا يتعدى 200 مختص في السنة. وفي خارطة الطريق الحالية تعتزم رفع هذا العدد إلى 400 معلم مختص كل سنة”.