أبدأ معكم اليوم برياضة المشي، ثم أنتقل إلى صيف ضيع اللبن.
كانت الفكرة السائدة عن رياضة المشي بأن تكون يومياً في حدود سبعة كيلومترات، لكن”دراسة حديثة ” كما أفادت “بي بي سي” خلصت إلى أن المشي أقل من خمسة آلاف خطوة يكفي لتحقيق الفائدة. تبعاً لهذه الدراسة وصيف بات يحرق الأخضر واليابس، قلصت المشي اليومي إلى خمسة كيلومترات.
اعتدت أن أتمشى في الشوارع وبعض الأحيان في الحدائق. يساعد المشي في اعتقادي على التركيز والتفكير والتأمل، هذه تجربتي، وربما هناك من يجد أشياء أخرى.عادة ما أكتب ذهنياً مقالاً أو مادة صحافية أثناء المشي.
إما بشأن المشاهدات والملاحظات، لاحظت أن حر هذا الصيف تتفصد فيه الأجساد. لذلك استنتجت أن كثيرين قد غادروا المدينة. ترى أين ذهب الناس.
لا أحد هنا. شوارع الرباط شبه خالية إلا من بناياتها. صحيح هذا شهر عطلة، لكنى لم يحدث أن ترك الناس العاصمة واندلقوا خارجها أو نحو شواطئها بهذه الكيفية. تبدو الشوارع مهجورة إلا من بعض الباعة المتجولين الذين يبيعون التين الشوكي والبطيخ الأصفر والأحمر. يتجولون. يصيحون في الشوارع الفارغة. لم تبق في المكاتب سوى أعداد قليلة من الموظفين من غير المحظوظين أو أولئك الذين اقترضوا حتى لم يبق في الراتب ما يخصم. استنتجت ذلك بعد زيارة لإحدى الإدارات للحصول على وثيقة إدارية.
يذهب الموظفون كسالى إلى مكاتبهم. بعد نهاية الدوام يرمون بأجسادهم فوق كراسي المقاهي. يتصادف أن تمر فتاة تلبس تنورة قصيرة وقميصاً يعري ولا يغطي. يتلمظ المتعبون شهوة. يرشفون رشفة باردة من فنجان قهوة. في شارع محمد الخامس يوجد عادة بعض الناس قرب نوافير لا تتدفق مياهها.أول أمس لاحظت أن هناك مجموعة صغيرة يجلسون قرب النافورة. شبان وشابات أعياهم الضجر.
محطة القطار في اكدال، تعرف زحاماً غير معتاد. يرغب الناس في السفر إلى أية وجهة للإفلات من هذا الحر الخانق.
في الشوارع الخلفية القريبة من الشاطئ يهرولون نحو البحر. هناك يمرحون. يتلهون. يغنون. يرقصون. يتمازحون. وأحياناً يحبون.
عدت مجدداً لزيارة “حديقة التجارب”، وجدتها شبه خالية على الرغم من أشجارها الباسقة ونباتاتها المخضرة، وزهورها زاهية الألوان. بضعة أشخاص فوق مقاعد خشبية، تعابير وجوههم تدل على الحيرة. آخرون يتمشون في ممرات الحديقة كأنهم تائهون.
اعتقد ان الصيف لا يناسب الصحفيين اذ عادة ما تخمد الأحداث.، وليس هناك سوى انقلاب النيجر وتداعياته، والحرب العبثية في بلاد النيلين.
وجدت نفسي تائهاً في هذا الصيف.